بقلم/ عبدالمؤمن ميسري
في الواقع اليمني اليوم قتلة، يعلمون أنهم قتلة، ويمارسون جرائمهم اليومية الموكلة إليهم بدم بارد، رضوا بأن يكونوا بنادق للإيجار، وبأن يكون الضغط على الزناد هي وظيفتهم السهلة المربحة التي تدر عليهم الهبات والعطايا من قتلة آخرين يملكون الأموال والنفوذ، ويوفرون متطلبات الحياة لهم، وأسباب الموت لغيرهم، ولا ضير بعد ذلك أن تزهق الأرواح البريئة، وأن تُهدم البيوت على ساكنيها مادام ذلك وسيلة لكسب ثقة القتلة الممولين.
وهذا النوع من القتلة يعرفهم الناس، هم ومن يقف وراءهم، فهم منكشفون ومفضوحون، وإن اختبأوا خلف تمويهات شتى، كما أن هؤلاء القتلة مدركون يقينا أنهم سفاكو دماء، وأن ما يقومون به مدعاة لغضب الرب ومخرج من الملة التي جاءت لحفظ الإنسان نفسا واعتقادا وعرضا ومالا ونسلا، ولأنهم مستيقنون من ذلك؛ فإن فرصة مراجعة الذات ومحاسبتها والرجوع إلى جادة الصواب تظل ماثلة أمام أعين كل منهم ومواتية متاحة مهما علا أزيز الرصاص وهدير المدافع ماداموا على قيد الحياة.
وثمة قتلة آخرون لا يعلمون أنهم قتلة، مع أن ضحاياهم يزدادون كل يوم بشكل مفجع، ينفذ الواحد منهم جريمته في القتل دون عداوة لأحد ودون دافع من أحد ودون معرفة أحد حتى القاتل نفسه، وهذا ما يحرمه فرصة الندم والمراجعة، فيلقى الله يوم يلقاه ويداه مخضوبتان بالدم البريئ، وقد انتقض ظهره من ثقل الأرواح المزهوقة منه ظلما وعدوانا.
وهذا النوع من القتلة يمكن حصره في نوعين من الناس يتجولون بيننا ويأكلون من موائدنا ونتبادل معهم التهاني والتبريكات في مختلف المناسبات.
يتمثل النوع الأول في أولئك البهلوانيين الذين يمطرون سماءالأعياد والأعراس بوابل من الأعيرة النارية، هم لا يوجهون بنادقهم إلى صدور الناس، لكن رصاصهم الشارد يمضي صعدا ثم يعود إلى رؤس الناس موتا مفاجئا، ومصائب عظيمة تقع على رؤوس الآمنين.
إنه قتل متعمد لأن هؤلاء البهلوانيين يعلمون أن رصاصهم الصاعد لا تبتلعه السماء وإنما يعود إلى الأرض، كما يعلمون أن احتمال الإصابة فيه كبير جدا، وخاصة في المناطق المزدحمة بالسكان، ونحن هنا لا ندعو إلى قتل هؤلاء المتساهلين المستهينين بأرواح الناس وإنما ندعو إلى إيجاد قوانين تكف أيديهم عن الزناد، وليكن السجن هو العقاب الرادع لكل من يقلق سكينة الناس في الأعياد والمناسبات، ولو لم يطلق إلا رصاصة واحدة، أما فرض الغرامات المالية فهو أمر مقدور عليه لدى هؤلاء القتلة المغرورين.
أما الصنف الثاني من هؤلاء القتلة المتنكرين فيتمثل في عدد كبير من المزارعين الذين يغمرون محاصيلهم بقدر قاتل من السموم والمبيدات استعجالا للرزق، وهم يعلمون أن عواقبها وخيمة، وما أكثر ضحايا هؤلاء وخاصة في أوساط المتعاطين لشجرة القات، ومن هنا يتوجب على الجهات ذات العلاقة منع دخول المبيدات الخطرة أولا، وتكثيف الرقابة على هؤلاء القتلة المجرمين ثانيا.. فهل تجد هذه الاستغاثات أذنا صاغية.