تواصل ميليشيات الحوثي في إضاعة فرص السلام المتعاقبة بدءاً من مفاوضات جنيف والكويت واستوكهولم، وانتهاء بمبادرة المملكة الأخيرة لإنهاء الأزمة اليمنية، يكشف للمجتمع الدولي الحقيقة العدوانية الإجرامية لهذه الميليشيا التي انقلبت على الشرعية وسيطرت على العاصمة صنعاء بدعم واضح من النظام الإيراني، وهو ما يؤكد للعالم مرة تلو الأخرى مشروعية الطلب المقدم من الحكومة الشرعية اليمنية بقيادة فخامة الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي، ولا مجال للمطلع على الأزمة اليمنية أن يشكك في خطورة التصرفات العدوانية والكوارث الإنسانية للميليشيا الحوثية الانقلابية خدمة لأجندة ومشروع إيران التخريبي في المنطقة.
من هنا أوضح رئيس بعثة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي السفير سعد بن محمد العريفي أنه استشعاراً بأهمية الحل السلمي من قبل المملكة وقبل بداية الأزمة قدمت المملكة العربية السعودية دعمها الكامل للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني، بالإضافة إلى دعم قرار مجلس الأمن رقم 2216 واستندت إليها كمرجعيات ثلاث مهمة وأساسية لأي حل سلمي في اليمن.
مراوغة ميليشيا الحوثي تساهم في إضاعة الفرص وتحول دون عودة اليمن إلى عمقه العربي وإعلاء مصالح الشعب اليمني وحقه الشرعي في السيادة.
وذكر رئيس بعثة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي السفير سعد العريفي أن المملكة أكدت على حرصها على أمن واستقرار اليمن والمنطقة والدعم الجاد والعملي للسلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني، وتأكيداً لدعمها للجهود السياسية التي تقودها الأمم المتحدة والإدارة الأميركية الجديدة للتوصل إلى حل سیاسي شامل بين الأطراف اليمنية، فقد أعلنت المملكة في 23 مارس على لسان صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية، مبادرة لإنهاء الأزمة اليمنية، حيث لاقت القبول الفوري من الحكومة اليمنية والترحيب الدولي، وقد تضمنت وقفاً شاملاً لإطلاق نار تحت مراقبة الأمم المتحدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وفتح ميناء الحديدة وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفقاً لاتفاق استوكهولم وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على المرجعيات الثلاث الأساسية التي استندت إليها المملكة لأي حل سلمي في اليمن.
إلا أن ميليشيا الحوثي وكعادتها ضربت عرض الحائط بكل الجهود الدولية الداعية لإنهاء معاناة الشعب اليمني، فحتى الآن لم تعلن قبولها للمبادرة واستمرت في إضاعة كل فرص السلام، بل إنها لا تزال تصعد ومنذ بداية فبراير الماضي هجومها العسكري على محافظة مأرب التي كانت ولا تزال ومنذ بداية الأزمة نموذجاً رائعاً للمستقبل الذي يتطلع له الشعب اليمني للتعايش بسلام في مدينة مستقرة وآمنة ومزدهرة تتسع لمختلف أبناء اليمن مما خفف آثار الأزمة الإنسانية على المدنيين الساكنين فيها والنازحين إليها.
إن مراوغة ميليشيا الحوثي وعدم تحكيم العقل والمنطق مرة أخرى وإضاعة الفرص لتكون شريكاً فاعلاً في السلام الذي سيحقن دماء اليمنيين، يحول دون عودة اليمن إلى عمقه العربي وإعلاء مصالح الشعب اليمني وحقه الشرعي في السيادة والاستقلال بعيداً عن الأجندة الإيرانية الساعية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
وأضاف رئيس بعثة المملكة لدى الاتحاد الأوروبي: إنه كما أشار سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظه الله – في لقائه المتلفز الأخير بمناسبة مرور خمسة أعوام على رؤية المملكة 2030 وتطرقه بالحديث عن المواقف والقضايا التي تهم المملكة ومنها الأزمة اليمنية وتعليق سموه – حفظه الله – على جماعة الحوثي “بـأن المملكة لن تقبل بأي ميليشيا مسلحة على حدودها”، كما أكد سموه على أنه بالرغم من لرتباط ميليشيا الحوثي بالنظام الإيراني إلا أن “نزعة الحوثي عروبية” وحديث سموه الكريم – حفظه الله – يعكس الإيمان التام بأن شعب اليمن بعمقه العربي والإسلامي العريق لن يقبل أن يتم تشويه تاريخه الأصيل وانتمائه العربي بأجندات تسرق منه مكتسباته ومستقبله، وتحوله خنجراً مسموماً في الخاصرة العربية، وتأتي مبادرة المملكة كفرصة ثمينة منسجمة مع قرارات الشرعية الدولية للتوصل لاتفاق سياسي شامل لإنهاء الأزمة اليمنية.